الرئيس السوري يؤكد استعداد بلاده لكل المبادرات للعلاقة مع تركياغرفة_الأخبار
تحليل لتصريحات الرئيس السوري حول العلاقة مع تركيا: قراءة في فيديو غرفة الأخبار
يمثل فيديو اليوتيوب المعنون بـ الرئيس السوري يؤكد استعداد بلاده لكل المبادرات للعلاقة مع تركيا غرفة_الأخبار وثيقة هامة لفهم التطورات الجارية في العلاقات السورية التركية. هذه العلاقات التي شهدت تقلبات حادة على مدى العقد الماضي، بدءًا من التحالف الوثيق وصولًا إلى القطيعة والعداء، تشكل محورًا أساسيًا في استقرار المنطقة بأسرها. التصريح المنسوب للرئيس السوري، بغض النظر عن تفاصيله الدقيقة، يحمل دلالات عميقة تستحق الدراسة والتحليل.
للوهلة الأولى، يوحي العنوان بوجود رغبة سورية في تحسين العلاقات مع تركيا، واستعداد لتقبل مبادرات من الجانب التركي في هذا الصدد. ولكن، يجب التعامل مع هذا التصريح بحذر شديد، ووضعه في سياقه الإقليمي والدولي المعقد. فالعلاقات السورية التركية ليست مجرد علاقة ثنائية، بل هي جزء لا يتجزأ من صراعات إقليمية أوسع، تتداخل فيها مصالح قوى دولية مختلفة.
السياق التاريخي للعلاقات السورية التركية:
قبل اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، كانت العلاقات السورية التركية في أفضل حالاتها. تبادل الزيارات الرسمية، وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية، والتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، كانت سمات بارزة لهذه المرحلة. ولكن، سرعان ما تغير هذا الوضع مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا، وموقف تركيا الداعم للمعارضة السورية المسلحة. تحولت الحدود التركية السورية إلى معبر للمقاتلين الأجانب، وممر للإمدادات العسكرية واللوجستية للمعارضة. كما استضافت تركيا أعدادًا كبيرة من اللاجئين السوريين، وقدمت الدعم السياسي والإعلامي للمعارضة.
أدت هذه التطورات إلى تدهور حاد في العلاقات الثنائية، وتبادل الاتهامات بين الجانبين. اتهمت سوريا تركيا بدعم الإرهاب، والتدخل في شؤونها الداخلية. بينما اتهمت تركيا سوريا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقمع الاحتجاجات الشعبية بالقوة.
أسباب التحول في الموقف التركي:
هناك عدة عوامل ساهمت في التحول في الموقف التركي تجاه سوريا. من بين هذه العوامل:
- التحولات الداخلية في تركيا: شهدت تركيا خلال السنوات الأخيرة تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية، أثرت بشكل كبير على سياستها الخارجية. صعود تيار الإسلام السياسي، وتراجع نفوذ المؤسسة العسكرية، وتزايد المشاكل الاقتصادية، كلها عوامل ساهمت في تغيير أولويات السياسة الخارجية التركية.
- الخلافات مع الغرب: شهدت العلاقات التركية الغربية توترات متزايدة في السنوات الأخيرة، بسبب قضايا مختلفة، مثل حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والتعاون مع روسيا. دفعت هذه التوترات تركيا إلى البحث عن حلفاء جدد في المنطقة، وإعادة تقييم علاقاتها مع جيرانها.
- المصالح الاقتصادية: تلعب المصالح الاقتصادية دورًا هامًا في تحديد السياسة الخارجية التركية. تعتبر تركيا شريكًا تجاريًا هامًا لسوريا، وتسعى للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في المنطقة. كما أن تركيا تعتمد على سوريا كممر لعبور الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
- قضية الأكراد: تمثل قضية الأكراد هاجسًا أمنيًا كبيرًا لتركيا. تخشى تركيا من قيام كيان كردي مستقل على حدودها الجنوبية، ومن أن يؤدي ذلك إلى تشجيع الأكراد في تركيا على المطالبة بالاستقلال. لذلك، تسعى تركيا إلى منع أي تحرك كردي في سوريا يهدد أمنها القومي.
قراءة في تصريح الرئيس السوري:
بالعودة إلى تصريح الرئيس السوري، يجب أن نأخذ في الاعتبار عدة نقاط:
- التوقيت: توقيت هذا التصريح مهم جدًا. يأتي هذا التصريح في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، وفي ظل حديث متزايد عن ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. كما يأتي هذا التصريح بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، والذي أظهر مدى الترابط بين البلدين، وحاجتهما إلى التعاون لمواجهة التحديات المشتركة.
- الصيغة: صيغة التصريح مهمة أيضًا. فالرئيس السوري لم يعلن عن مبادرة سورية مباشرة، بل عبر عن استعداد بلاده لتقبل مبادرات من الجانب التركي. هذا قد يشير إلى أن سوريا تنتظر مبادرة تركية أولًا، قبل أن تتخذ أي خطوات ملموسة لتحسين العلاقات.
- الشروط: من المرجح أن تكون هناك شروط سورية لتحسين العلاقات مع تركيا. من بين هذه الشروط، انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، ووقف دعم المعارضة المسلحة، والاعتراف بشرعية الحكومة السورية.
- الشكوك: لا تزال هناك شكوك كبيرة حول مدى جدية تركيا في تحسين العلاقات مع سوريا. فتركيا لم تتخذ حتى الآن أي خطوات ملموسة تدل على تغيير في سياستها تجاه سوريا. بل على العكس، لا تزال تركيا تدعم المعارضة المسلحة، وتحافظ على وجودها العسكري في الأراضي السورية.
المستقبل المحتمل للعلاقات السورية التركية:
من الصعب التكهن بالمستقبل المحتمل للعلاقات السورية التركية. هناك عدة سيناريوهات محتملة، من بينها:
- تحسن تدريجي في العلاقات: قد يشهد المستقبل تحسنًا تدريجيًا في العلاقات الثنائية، من خلال خطوات صغيرة ومدروسة. قد يشمل ذلك تبادل الزيارات الرسمية، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية، والتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب.
- جمود في العلاقات: قد تبقى العلاقات الثنائية على حالها، دون تحسن أو تدهور. قد يستمر الجانبان في تبادل الاتهامات، والحفاظ على الوضع الراهن.
- تدهور العلاقات: قد تشهد العلاقات الثنائية تدهورًا إضافيًا، بسبب عوامل مختلفة، مثل تصاعد التوتر في شمال سوريا، أو اندلاع صراعات جديدة في المنطقة.
الخلاصة:
يمثل تصريح الرئيس السوري بشأن العلاقات مع تركيا فرصة لإعادة التفكير في مستقبل هذه العلاقات. يجب على الجانبين السوري والتركي اغتنام هذه الفرصة، والعمل بجد لإيجاد حلول للمشاكل العالقة، وبناء علاقات تقوم على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة. فالاستقرار في سوريا وتركيا، هو استقرار للمنطقة بأسرها. يتطلب ذلك تجاوز الماضي المؤلم، والتركيز على بناء مستقبل أفضل للشعبين السوري والتركي.
لتحقيق ذلك، يجب على تركيا أن تعيد تقييم سياستها تجاه سوريا، وأن تتخلى عن دعم المعارضة المسلحة، وأن تسحب قواتها من الأراضي السورية. كما يجب على سوريا أن تتخذ خطوات ملموسة لتحقيق المصالحة الوطنية، وضمان حقوق جميع السوريين. فقط من خلال التعاون الصادق والبناء، يمكن للبلدين تجاوز الأزمة الحالية، وبناء علاقات قوية ومستدامة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة